الأحد، 1 مارس 2015

الليل والنهار‎


كل منهما لا يأتى فجأة
وإنما ينساب بهدوء ،
مثل مياه المد والجزر !
قبل حلول الليل ،
تسقط الشمس الأرجوانية فى الأفق
حينئذ تعود الطيور لأعشاشها
ويبدأ البحر فى تغيير زرقته
إلى لون رمادى كئيب
ثم يسود الظلام
فيلف القرى المستكينة فى عباءته
لكن المدينة ترفض الانصياع
فتشعل مصابيحها ، وتتلألأ ..
هناك مَنْ يسهرون طوال الليل
يسمرون ، ويعربدون ..
وهناك من يتسللون فى قلب الليل
ليشبعوا شهواتهم
وهناك مَنْ يجفوهم النوم
فيتقلبون على فراش الأرق
تحت مطارق دقات ساعة الحائط ..
وهناك أخيرًا مَنْ ينتظرون رحيل الليل
ليخرجوا بحثا عن لقمة عيشهم !

أما النهار ..
فهو واضح وصريح
يفرش الأرض بالنور
فيكشف المستور !
ويميّز القصور من القبور ..
وحين ترتفع الشمس البيضاء
يدب النشاط فى الجميع
فيسرع كلٌّ إلى عمله
البعض يركب السيارات الفارهة
والبعض يحشر نفسه فى القطارات والميكروباصات
والبعض يمشى على قدميه ..
يبدو أن الجميع منشغل بالعمل
لكن كل واحد غارق فى أعماق مشكلاته الخاصة
والغريب :
أن الذين يبذلون جهدًا أكبر
لا يحصلون إلا على أجر زهيد !
بينما أصحاب الأرباح العاليه
هم المرتاحون فى المكاتب المكيفّة ..
يتحدثون قليلا ،
ويضحكون كثيرًا
لكنهم يدخنون السيجار
وقد يأكلون الكافيار
لذلك يصابون بالجلطة
ويحملونهم على الفور إلى غرف العناية المركزة !

من قال : ان النهار ينتهى بحلول الليل ؟!
إنه ينتهى بالفعل بعد وجبة الغداء ..
عندما تمتلئ البطون بالطعام ،
وأحيانا بالماء !
بعدها تثقل الجفون
وينام المرتاحون ، مثل المرهقين
قيلولة تمضى بدون أحلام !
وعندما يستيقظون
يشرب بعضهم الشاى وسط أسرته ،
ويذهب الكثيرون إلى المقهى
يدخنون الشيشة
وينكفئون على لعب الطاولة
ويستمع بعضهم لهموم بعض !