منذ ودعته لينتقل الى بلد آخر للدراسة .. وهي لا تتوقف عن التفكير فيه والحديث مع الجارات عنه ..إنه وحيدها وفلذة كبدها فكم اشتاقت إليه ، وتنهدت أم احمد وهي تعد الأيام الأخيرة لإبنها في بلاد الغربة البعيدة ..
الحمد لله أيام ويعود ، كم اشتقت إليك يابني ، ويترادى لمخيلتها وهو يلقي الحقائب ويهرع نحوها ليقبل يدها ، بمنحها بسمته الحانية ترمق الماضي وتتذكر كيف كان يملأ عليها سرورا وسعادة .. وكيف تعبت كثيرا حتى بلغ مبلغ الرجال .. وصار يشار إليه بالبنان لاجتهاده وذكائه .. شعرت بأنه آن الأوان لتقطف ثمرة جهدها وترى ابنها طبيبا ماهرا له مكانته .. تستيقظ من شرودها على رنين الهاتف .. تنهض من أريكتها وتسرع وهي تعتقد أن الذي سيكلمها هو ابنها لابد إنه أحمد ، سيخبرني بموعد قدومه وترفع سماعة الهاتف ونبضات قلبها تخفق من ، من المتكلم؟ وتصفعها كلمات حارقة تنبئها الفاجعة ، ابنك يا أم أحمد لقد اصطدمت سيارته ومات ، تتغير ملامح وجهها وينعقد لسانها ، تصاب بالذهول ، تسقط السماعة من يدها ، تضطرب قليلا ثم تهوي على الأرض ، وقدر الله أن يأتيها قريب لها في ذلك الوقت ليسأل عنها ، يطرق الباب فلا يجيب أحد .. يحرك مقبض الباب فيجده مفتوحا ، ترى ما الأمر؟ يلج المنزل ليفاجأ بأم أحمد ملقاة على الأرض غائبة عن الوعي ، يسرع بنقلها إلى المستشفى ويصل أحمد إلى بلدته ، ويسرع والشوق يدفعه لرؤية أمه التي يحبها حبا عظيما . وصل البيت وهو يحلم بأنه سيزف لأمه بشرى نجاحه ، يدخل المنزل ليفاجأ بعدم وجود أحد بداخله .. يسأل عن أمه فيعلم أنها في المستشفى .. يستقل سيارته ويسرع للاطمئنان عليها .. ينهب عند منعطف حاد فتنقلب سيارته وتتحطم .. يسرع الناس لإنقاذه .. يخرجونه من السيارة والدماء تغطي جسده ، ينقله أحدهم بسيارته إلى المستشفى ، يصل وقد فارق الحياة .. تصحو أمه وتعلم بما حصل له .. تشهق من شدة الأسى وتنهار .. لا حول ولاقوة إلا بالله .. فهلا أدركتم إخواني خطورة الكذب والمزاح ؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق