السبت، 22 ديسمبر 2018

ما هي قصة النمرود العجيبة وكيف كانت هجرة سيدنا ابراهيم؟


بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم ان شاء الله سنتعرف على قصة النمرود مع سيدنا إبراهيم عليه السلام في الجزء الثالث من قصة سيدنا إبراهيم, التي تعد من أطول وأكثر قصص الأنبياء والرسل التي عرفت العديد والكثير من الأحداث المهمة والمؤثرة!

مواجهة عبدة الملوك (قصة النمرود)

إن زمن اصطفاء الله تعالى لإبراهيم غير محدد في القرآن، وبالتالي فنحن لا نستطيع أن نقطع فيه بجواب نهائي، كل ما نستطيع أن نقطع فيه برأي، أن إبراهيم أقام الحجة على عبدة التماثيل بشكل قاطع، كما أقامها على عبدة النجوم والكواكب من قبل بشكل حاسم كما شاهدنا ذلك في الجزئين الأول و الثاني من قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولم يبق إلا أن تقام الحجة على الملوك المتألهين وعبادهم.. وبذلك تقوم الحجة على جميع الكافرين.

ذهب إبراهيم عليه السلام لملك متآله كان في زمانه، وتجاوز القرآن اسم الملك لانعدام أهميته، لكن روي أن الملك المعاصر لإبراهيم كان يلقب (بالنمرود) وهو ملك الآراميين بالعراق، كما تجاوز حقيقة مشاعره، وأيضا تجاوز الحوار الطويل الذي دار بينإبراهيم وبينه. لكن الله تعالى أخبرنا في كتابه الحكيم الحجة الأولى التي أقامها إبراهيم عليه السلام على الملك الطاغية، فقال إبراهيم بهدوء:

(رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ).

قال النمرود: (أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ) أستطيع أن أحضر رجلا يسير في الشارع وأقتله، وأستطيع أن أعفو عن محكوم عليه بالإعدام وأنجيه من الموت.. وبذلك أكون قادرا على الحياة والموت.


لم يجادل إبراهيم النمرود لسذاجة ما يقول، غير أنه أراد أن يثبت للملك أنه يتوهم في نفسه القدرة وهو في الحقيقة ليس قادرا. فقال إبراهيم: (فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ).

استمع الملك إلى تحدي إبراهيم صامتا.. فلما انتهى كلام النبي بهت النمرود، أحس بالعجز ولم يستطع أن يجيب. لقد أثبت له إبراهيم عليه السلام أنه كاذب.. قال له إن الله يأتي بالشمس من المشرق، فهل يستطيع هو أن يأتي بها من المغرب.. إن للكون نظما وقوانين يمشي طبقا لها.. قوانين خلقها الله ولا يستطيع أي مخلوق أن يتحكم فيها، ولو كان الملك صادقا في ادعائه الألوهية فليغير نظام الكون وقوانينه.. ساعتها أحس الملك بالعجز.. وأخرسه التحدي، ولم يعرف ماذا يقول، ولا كيف يتصرف. انصرف إبراهيم من قصر الملك، بعد أن بهت الذي كفر.


هجرة ابراهيم عليه السلام
 انطلقت شهرة إبراهيم في المملكة كلها. تحدث الناس عن معجزته ونجاته من النار، وتحدث الناس عن موقفه مع النمرود وكيف أخرس الملك فلم يعرف ماذا يقول، واستمر إبراهيم في دعوته لله تعالى، بذل جهده ليهدي قومه، حاول إقناعهم بكل الوسائل، ورغم حبه لهم وحرصه عليهم فقد غضب قومه وهجروه، ولم يؤمن معه من قومه سوى امرأة ورجل واحد. امرأة تسمى سارة، وقد صارت فيما بعد زوجته، ورجل هو لوط، وقد صار نبيا فيما بعد. وحين أدرك إبراهيم أن أحدا لن يؤمن بدعوته، قرر الهجرة.
قبل أن يهاجر، دعا والده للإيمان، ثم تبين لإبراهيم أن والده عدو لله، وأنه لا ينوي الإيمان، فتبرأ منه وقطع علاقته به.
للمرة الثانية في قصص الأنبياء والرسل نصادف هذه المفاجأة. في قصة نوحعليه السلام كان الأب نبيا والابن كافرا، وفي قصة سيدنا إبراهيم كان الأب كافرا والابن نبيا، وفي القصتين نرى المؤمن يعلن براءته من عدو الله رغم كونه ابنه أو والده، وكأن الله يفهمنا من خلال القصة أن العلاقة الوحيدة التي ينبغي أن تقوم عليها الروابط بين الناس، هي علاقة الإيمان لا علاقة الميلاد والدم.
خرج إبراهيم عليه السلام من بلده وبدأ هجرته. سافر إلى مدينة تدعى أور، ومدينة تسمى حاران، ثم رحل إلى فلسطين ومعه زوجته، المرأة الوحيدة التي آمنت به، وصحب معه لوطا.. الرجل الوحيد الذي آمن به الذي تعرفنا على قصته سابقا.

بعد فلسطين ذهب إبراهيم إلى مصر، وطوال هذا الوقت وخلال هذه الرحلات كلها، كان يدعو الناس إلى عبادة الله، ويحارب في سبيله، ويخدم الضعفاء والفقراء، ويعدل بين الناس، ويهديهم إلى الحقيقة والحق.

وتأتي بعض الروايات لتبين قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة وموقفهما مع ملك مصر، فتقول:

وصلت الأخبار لملك مصر بوصول رجل لمصر معه امرأة هي أجمل نساء الأرض، فطمع بها، وأرسل جنوده ليأتوه بهذه المرأة، وأمرهم بأن يسألوا عن الرجل الذي معها، فإن كان زوجها فليقتلوه، فجاء الوحي لإبراهيم عليه السلام بذلك، فقال إبراهيم عليه السلام لسارة إن سألوك عني فأنت أختي أي أخته في الله، وقال لها ما على هذه الأرض مؤمن غيري وغيرك فكل أهل مصر كفرة، ليس فيها موحد لله عز وجل. فجاء الجنود وسألوا إبراهيم: ما تكون هذه منك؟ قال: أختي.

لنقف هنا قليلا.. قال إبراهيم حينما قال لقومه (إني سقيم) و (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه) و (هي أختي). كلها كلمات تحتمل التأويل. لكن مع هذا كان إبراهيم عليه السلام خائفا جدا من حسابه على هذه الكلمات يوم القيامة، فعندما يذهب البشر له يوم القيامة ليدعوا الله أن يبدأ الحساب يقول لهم لا إني كذبت على ربي ثلاث مرات.

وللأسف الشديد نجد أن البشر الآن يكذبون أمام الناس من غير استحياء ولا خوف من خالقهم.

لما عرفت سارة أن ملك مصر فاجر ويريدها له أخذت تدعوا الله قائلة: اللهم إن كنت تعلم أني آمنت بك وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط علي الكافر.

فلما أدخلوها عليه، مد يده إليها ليلمسها فشلّ وتجمدت يده في مكانها، فبدأ بالصراخ لأنه لم يعد يستطيع تحريكها، وجاء أعوانه لمساعدته لكنهم لم يستطيعوا فعل شيء، فخافت سارة على نفسها أن يقتلوها بسبب ما فعلته بالملك، فقالت: يا رب اتركه لا يقتلوني به، فاستجاب الله لدعائها.

لكن الملك لم يتب وظن أن ما حدث كان أمرا عابرا وذهب. فهجم عليها مرة أخرى،  فشلّ مرة ثانية، فقال: فكيني. فدعت الله تعالى فَفَكّه. فمد يده ثالثة فشلّ. فقال: فكيني وأطلقك وأكرمك. فدعت الله سبحانه وتعالى فَفُك. فصرخ الملك بأعوانه: أبعدوها عني فإنكم لم تأتوني بإنسان بل أتيتموني بشيطان.

فأطلقها وأعطاها شيئا من الذهب، كما أعطاها أَمَةً اسمها "هاجر".

هذه الرواية مشهورة عن دخول إبراهيم عليه السلام لمصر.

وكانت زوجته سارة لا تلد، وكان ملك مصر قد أهداها سيدة مصرية لتكون في خدمتها، وكان إبراهيم قد صار شيخا، وابيض شعره من خلال عمر أبيض أنفقه في الدعوة إلى الله، وفكرت سارة إنها وإبراهيم وحيدان، وهي لا تنجب أولادا، ماذا لو قدمت له السيدة المصرية لتكون زوجة لزوجها؟ وكان اسم المصرية "هاجر".

وهكذا زوجت سارة سيدنا إبراهيم من هاجر، وولدت هاجر ابنها الأول فأطلق والده عليه اسم "إسماعيل". كان إبراهيم شيخا حين ولدت له هاجر أول أبنائه إسماعيل.

ولسنا نعرف أبعاد المسافات التي قطعها إبراهيم في رحلته إلى الله. كان دائما هو المسافر إلى الله، سواء استقر به المقام في بيته أو حملته خطواته سائحا في الأرض، مسافر إلى الله يعلم إنها أيام على الأرض وبعدها يجيء الموت ثم ينفخ في الصور وتقوم قيامة الأموات ويقع البعث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق