السبت، 14 يوليو 2012

صناعة التفاؤل




سألت نفسي كثيراً هذا السؤال إن كان الماضي تعيساً ومليء بالهموم والأحزان .. هل يمكن نسيان الماضي بكل أفراحه وأحزانه بخيره وشره .. ولماذا يسخط أحدنا ويتوجع على حادثٍ حصل له أو زواج فاشل أو خسارة صفقة تجارية؟!
اعتقد أن الإجابة صعبة للغاية عند غالب البشر ..
لو نظرنا إلى الماضي بكل ما يحصل لنا فيه من .. أخطاء .. ذنوب .. غدارات ..  فجرات .. جرائم ..  مشاكل .. مصائب .. هموم .. أحزان .. هي في النهاية كلها أقدار مقدرة بقدر من الله ولا ينفع معها إلا أن تستعين بالله .. بالاستغفار .. التوبة .. الشعور بالندم .. العمل الصالح .. وبعدها ستجد نفسك محاط برحمة الله ومغفرته وتحرسك عنايته من كل شر..
هناك بشر آخرون قد عاشوا بجوارحهم كل مشاعر الفرح والحزن وجعلوا الماضي طريقاً ونبراساً لتصحيح أخطاء المستقبل لذا الماضي عندهم لا يموت بل هو الحافز الكبير لتغير حياتهم للأفضل ومستقبلهم للأحسن..
هولاء البشر هم المتفائلون .. يملكون أنفاساً رائعة وأحاسيس جميلة تجدهم في كل أوقاتهم مبتسمون .. متفائلون ينظرون في كل محنه منحة .. وكل شر فيه خير .. يعتقدون أن مع العسر يسرين ..  دائماً تجد حالهم في كل مصيبة وابتلاء في قمة الصبر والرضا ..
ويتذكرون قوله تعالى ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها .. وقوله تعالى  }مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {..
وقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم } ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته {..
أصبح كل شئ في حياتنا يحتاج إلى صناعة ولأننا نعيش اليوم في عالم ملئ بالأحزان والهموم نحتاج لصناعة التفاؤل..
بدايةً عليك أن تبتعد عن كل هموم الدنيا وأحزانها، وافتح أنفاسك للهواء العليل، وأرتفع إلى الأعلى ثم أنظر إليها شامخاً من فوق ستجد أنها صغيرة ولا تحتاج كل تفكيرك، ثم غير نفسك من الداخل وأخرج منها كل ما هو سلبي، وتفاءل بأن الحياة هي الأمل، وانتقل من الماضي التعيس إلى المستقبل والحاضر الجميل، ولا تقف عند أخطاءك كثيرا، واقتبس منها حافزاً لمستقبل أجمل تعويضا لما فات، وتذكر أن المهم ليس الهم والحزن فهذه هي الدنيا لكن الأهم هو قدرتك على عدم استجابتك وتجاوزك لكل أزمة تمر بك ..
تأكد أن ما حدث لك الناس غير معنيين به وعندهم ما يشغلهم عنك وعن وهمومك وأحزانك .. داوم على أعمالك اليومية .. لا تكبت عواطفك، فقَدْرٌ من البوح هو متنفس للأحزان .. استجلب مشاعر الفرح وأحاسيس المتعة والسرور من تفكيرك .. لا تحرم شقتيك من الابتسامة .. لسانك من الكلام الجميل .. حديثك من الإيجابية .. لا تسمح لمن يعكر صفو حياتك بشئ من السلبية  .. والهموم تبدأ كبيرة ثم ما تصغر شيئا فشيئاً حتى تصبح كالذرة .. اغسل جسدك .. تطهر روحك بالتخلص من إحساس ماضيٍ تعيس .. لإعادة برمجة أحلامك وتوازن حياتك احذف كل صورة سلبية من مخيلتك .. إياك أن تقول لنفسك انتهى كل شئ فالماضي لا يساوي المستقبل الجميل .. إذا أردت أنت فقط أن يكون جميلاً .. فكما تريد أنت ستكون ..  وقبل ذلك أحسن إلى نفسك قبل أن تحسن إلى الآخرين .. فالله يحب المحسنين ..
وختاماً أسأل الله أن يتجاوز عن زلاتنا ويغفر لسيئاتنا ويصرف عنا هموم الدنيا وأحزانها، هذه كلماتي أقولها متفائلاً أن هذا كلام بشر بل إنسان وهذا الإنسان يملك أحاسيس ومشاعر لذا هو يقدم الاعتذار مباشرة وبكل شجاعة وبدون تردد لمن أخطأ بحقه وأساء إليه شخصياً إن كان يعلم وإن لم يعلم سيستغفر الله له دون ملل أو كلل مدى حياته، ويطلب من الله ثم من البشر الصفح والغفران، ولا ننسى أننا بشر وكل أبن أدم خطاء فلنتعامل بقول ربنا المحسن الكريم } فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {..
وفي النهاية المطاف .. أهمس في أذانكم بأنفاس الحب والأمل والتفاؤل وأقول : عجيب أن يموت فينا كل شيء ونحن ما زلنا على قيد الحياة!!
إنني كلما أحسست بالضيق من أمر أهمني أو خطأ ارتكبته دون عمد مني أتذكر أن الله وهب لي نعمت عظيمة وهي التفاؤل والنظر إلى الأمور التي تمر بي نظرة تغمرها التفاؤل وحسن الظن بالله فأحس بانشراح وبزوال ما بي من هم وقلق وحزن ويتجدد نشاطي..
أتمنى أن نبدأ جميعا ً بإعادة إعمار مصانع التفاؤل في قلوبنا .. فالتفاؤل هو الشحن الذي يمدنا بالطاقة حتى نستمر في حياتنا..
فلا الحزن يحيينا ولا الهم يصلحنا ولا العيش تحت مضله الكدر يغنينا.. هناك أمل ما دام هناك حياة ..
ومضة :
التفاؤل قرار ينبثق من داخل النفس وهو الروح التي تسري في الروح؛ فتجعل الفرد قادراً على مواجهة الحياة وتوظيفها، وتحسين الأداء، ومواجهة الصعاب .. والناس يتفاوتون في ملكاتهم وقدراتهم، ولكن الجميع قادرون على صناعة التفاؤل ..   ( د/ سلمان العودة )
تذكر أن الأصدقاء هم عدة للنوائب في وقت الحاجة والضيق فلا تنسى أن تشاركهم همومك وأحزانك .. من أهم أهداف العقلاء أن تطوى صفحة مضت وانتهت ولا تعد تخرجها من دهاليز الماضي بل ضعها في زنزانة النسيان ..
 صالح الريمي
 10/4/200
كن متفائلاً وابعث البشر فيمن حولك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق